أسرار الإعجاز العلمي

موقع مخصص لأبحاث ومقالات عبد الدائم الكحيل

  • تكبير حجم الخط
  • حجم الخط الإفتراضي
  • تصغير حجم الخط

طاقة الفراغ

 

يتحدث العلماء اليوم عن طاقة عظيمة تمسك الكون، ولولا هذه الطاقة سيتلاشى الكون ويزول لأنها تعمل على إبقائه في حالة توازن، وأسموها طاقة الفراغ، فهل في القرآن ما يشير إلى هذا الأمر، لنقرأ ونتأمل........

اعتقد العلماء لفترة طويلة أن الظلام الموجود بين النجوم هو فراغ خال من أي شيء، وعلى هذا الأساس أطلقوا على الكون اسم "فضاء" أي space ولكنهم وجدوا أنه لا وجود للفراغ أبداً، بعدما اكتشفوا أن كل جزء من أجزاء الكون مهما كان صغيراً مشغول دائماً بالطاقة، مثل طاقة الضوء أو الأشعة الكونية أو الأشعة الراديوية وغير ذلك.

لا يوجد في الكون كله أي فراغ! هذه أحدث حقيقة علمية تتعلق بعلم الفلك، فقد وجد العلماء أن الكون غني بالبناء، في كل ميليمتر مكعب هناك نوع من المادة والطاقة، ولا وجود للفضاء أبداً.

يقول العلماء إن الطاقة تملأ كل الفراغ في الكون (1). ويعتقد علماء الفلك أن توسع الكون يمكن أن يكون بسبب طاقة الفراغ، تلك الطاقة التي تختبئ في الفراغ وتملأ الكون (2). ويقولون:

Astronomers believe the answer may be that the expansion is powered by vacuum energy, energy that is hidden in the emptiness of space that fills the universe.

لقد اكتشف العلماء أن الكون يتوسع، وظنوا في البداية أنه يتوسع بخطوات ثابتة، ولكن تبين فيما بعد أن هذا الكون يتوسع بخطوات متسارعة أي أنه يتسارع. ويمكن تفسير هذا التسارع بوجود طاقة هائلة في الفراغ تحرك المجرات وتقذف بها بعيداً بسرعة أكبر من تلك التي تسببها قوى الجاذبية.

وعندما ظن العلماء أن الكون كروي تبين فيما بعد أنه مسطح تماماً كالورقة!! ويقولون اليوم بالحرف الواحد (3):

A strange repulsive force of "dark energy" pervades every nook and cranny of the universe.

أي أن الطاقة المظلمة والغريبة تملأ كل جزء من المكان في الكون. ولكن إذا تعمقنا كثيراً في المكان فنجد من الناحية النظرية:

لكي نفرغ منطقة ما من المكان تفريغاً تاماً من المادة والطاقة، نحتاج إلى طاقة لا نهائية. ولكي نقرب الفكرة نفرض أنه لدينا إناء نريد تفريغه من الهواء. هذا الإناء في الحالة الطبيعية يحوي عدداً من جزيئات الهواء، هذه الجزيئات تهتز وتصطدم ببعضها مشكلة ضغطاً هو ما نسميه الضغط الجوي.

هذا الضغط الجوي نقيسه بالميلمتر الزئبقي، أي أننا عندما نصل فتحة الإناء مع أنبوب في نهايته كمية من الزئبق، فإن مستوى الزئبق يتغير تبعاً للضغط داخل الإناء، وكلما فرَّغنا هذا الإناء من الهواء ينخفض الضغط في داخله.

الآن عملياً لا يمكن أن نحقق الفراغ الكامل مهما بذلنا من طاقة، لماذا؟ لأن ذلك نظرياً يعني أن الضغط سيصبح صفراً، وهذا يعني أن درجة الحرارة ستصل إلى الصفر المطلق أيضاً، لأن وجود أي درجة حرارة يعني أن هناك طاقة ما داخل الإناء.

إذن للحصول على فراغ كامل لابد من بذل طاقة لا نهائية، وإذا ما عكسنا العملية فإن وجود فراغ ما يعني أن هذا الفراغ يختزن في داخله طاقة كبيرة جداً، وهذا ما يسعى العلماء لامتلاكه.

نعيد الفكرة ونوضحها قليلاً، إذا أخذنا كأساً وأردنا أن نفرغها تماماً من الهواء والطاقة ونحصل على فراغ تام، فإننا نحتاج إلى كمية كبيرة جداً من الطاقة، والعكس صحيح، إذا استطعنا أن نحصل على حجم صغير ولكنه فارغ (بنسبة كبيرة) فإن هذا يعني أن هذا الحجم المفرغ عندما نحرر الفراغ الذي بداخله فإنه سيولد طاقة هائلة جداً، وهذه الطاقة هي ما يحاول العلماء الاستفادة منها اليوم أو الحصول عليها.

 

 إذا حاولنا أن نفرغ وعاء من الهواء تفريغاً شبه تام سوف نحتاج إلى طاقة كبيرة جداً، وبالتالي هذا الفراغ الذي حصلنا عليه يمتلك طاقة كبيرة جداً يمكن تحريرها في أي وقت. تخيل أن غرفتك خالية تمامأً من الهواء وعندما تفتح الباب فجأة سوف يتدفق الهواء الخارجي بسرعة رهيبة إلى داخل الغرفة، إن الطاقة التي جعلت الهواء يتدفق بهذه السرعة هي الطاقة التي يحملها الفراغ.

يقول العلماء اليوم (4):

Laboratory experiments show that seemingly empty space is actually seething with virtual particles that wink in and out of existence.

إن التجارب المخبرية تظهر أن ما يبدو لنا أنه فضاء، هو في الحقيقة يغلي بالأجسام الخفية التي تظهر وتختفي من الوجود. ويؤكدون أن طاقة الفراغ هي طاقة مدمرة يمكن أن تدمر الكون بأكمله!!

 

يعتقد العلماء بأن الليل مخلوق أيضاً، وأنه لا فراغ في الكون بالمعنى المطلق، إنما هنالك جسيمات صغيرة جداً جداً تمثل طاقة الفراغ، وهذه الجسيمات الصغيرة تتحرك على شكل أمواج وتسبح في فضاء لا يعلم حده إلا الله تعالى. هذه الجزيئات تتشكل وتختفي خلال زمن ضئيل ولا يمكن قياسه بالأجهزة كذلك الأجسام لا يمكن إدراكها بالأجهزة فقط بالحسابات والأرقام.

في عام 1973 اقترح العالم إدوارد تاريون أن الكون لابد أن يكون محكوماً بقوة تمسكه ليتوازن ويبقى قائماً وإلا سيزول ويتبدد. وقال بأن هنالك قوة الجاذبية والقوة المعاكسة لها والتين تعملان معاً على توازن الكون.

إن طاقة الفراغ هي شيء عظيم فوق ما يتصوره البشر، وهي تملأ الكون وتتحكم بحركة المجرات ولولا وجود هذه الطاقة لانهار الكون ولم يستمر أبداً (5). إذن ما كان يظنه العلماء ليلاً لا شيء في داخله تبين لهم أنه في الليل أو الظلام هناك مخلوقات إذن الليل مخلوق مثله مثل النهار، ولذلك قال تعالى مؤكداً هذه الحقيقة العلمية ومتحدثاً عنها قبل أن يكتشفها علماء الغرب بأربعة عشر قرناً، قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) [الأنبياء: 33].

ويؤكد العلماء أن طاقة الفراغ أو الطاقة المظلمة هذه مسؤولة عن التسريع في توسع الكون وكأن الله تعالى جعل مهمة لهذه الطاقة وهي أن تمسك أجزاء الكون فلا ينفلت أو يتبعثر، ولذلك قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [فاطر: 41].

وملخص الكلام أن الله تعالى أودع في هذا الكون طاقة خفية هي طاقة الفراغ وأنه لا وجود للفراغ بشكل مطلق بل هنالك طاقة عظيمة هي التي تتحكم في الكون وتُمسكه بقدرة الله تعالى وهي طاقة عظيمة ولذلك هناك الكثير من الأشياء العظيمة التي لا نراها ولكن الله يراها وقد أقسم بها فقال: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) [الحاقة: 38-40].

ــــــــــــ

بقلم عبد الدائم الكحيل

www.kaheel7.com/ar

 

المراجع

 

1- Thomas E. Bearden, ON EXTRACTING ELECTROMAGNETIC ENERGY FROM THE VACUUM, CTEC, Inc. Alpha Foundation's Institute for Advanced Study.

2- http://physics.weber.edu/carroll/expand/S4Index.htm

3- Ray Villard, Astrophysics Challenged By Dark Energy Finding, www.space.com, 10 April 2001.

4- Ray Villard, Astrophysics Challenged By Dark Energy Finding, www.space.com, 10 April 2001.

5- G.E. Volovik, Vacuum Energy: Myths and Reality, www.arxiv.org

6- Vacuum energy, www.wikipedia.org.

                       

 

 
Share |

راقب